إنها الذكرى الخامسة والثلاثون لأروع بطولة وتضحية عرفها التاريخ الحديث .. حرب أكتوبر 1973 .. كيف كان الحال؟ .. ربما لم تعرف أمة عبر التاريخ ما عرفته مصر من شدة وسنوات عجاف .. دولة ذاقت مرارة هزيمة في حرب لم تخضها .. ويأس على يأس من تحطيم ذراع جوية قبل أن ترتفع في الهواء .. وجندي رأى زميله عبر صور مذاعة مأسوراً، تائهاً في صحراء، أنكرته بعد أن كان سيدها .. ومجتمع كاد أن يصدق أن جيشه لا يستطيع .. وأن عدوه جبار لا يقهر.

مدن كبيرة دمرت .. وهجر ساكنوها .. مصانع كبيرة في أبو زعبل وغيرها سقطت أسقفها فوق رؤوس عمالها .. ومدارس دفنت تحتها أطفالها تحتها أحياء جراء القصف ..

مصر .. سنوات من اليأس .. الإحباط .. الهزيمة .. الإنكسار .. وكل مفردات الوجع ... قبل المعجزة ..

35 عاماً على العبور .. مضت .. فها استنفذت حرب أكتوبر أهدافها .. هل وضعت أوزارها .. هل أكتوبر هو حالة خاصة لا يمكن تعميمها زمنياً على شعب مصر .. بمعنى آخر؛ هل ما جرى في يوم السادس من أكتوبر عام 1973 لا يمكن تكراره من الشعب المصري في أي مجال آخر اقتصادي أو تنموي أو إجتماعي .. هل كانت انتفاضة خارت قوى أصحابها ؟ أم أن الطاقة كامنة .. أكبر من كل إحباط ويأس؟ .. حقاً إن روح أكتوبر التي تولدت في وجدان شعب مصر عقب النصر المجيد منذ 35 عاماً تبث فينا الأمل والقدرة على التحدي وتحقيق المستحيل مهما كانت الصعاب .. هل فقدنا تلك الروح أم أنها فقط نائمة .. كامنة .. متوارية في مكان ما داخلنا .. ولا تموت أبداً في داخل هذا الشعب الذي تبدأ مصر من أحجار طيبة ؟! وكيف نفجر تلك الروح الخافتة، لتتدفق داخل شرايين هذا الوطن .. الذي لحقته العديد من الكوارث التي غيرت هذه الروح الطيبة؟

في هذه الحلقة لا نبحث عن أكتوبر الحدث .. رغم جلال الحدث .. ولكن نبحث عن روح الحدث التي هي باختصار شديد .. روح مصر .. وشخصيتها .. نتساءل .. هل انتهت روح أكتوبر بعبور الجنود وإقرار السلام .. ورفع العلم على كل أرض مصر .. أم أن العبور لا يزال مستمراً .. والأفضل لا يزال يبحث عن من يساعد في رفعه.

الجندي المجهول آن له أن يستيقظ داخل كل منا .. إنه روح أكتوبر